الآية الخامسة عشر.

Date
نوفمبر, 03, 2010

تقول لي صديقة عزيزة: عندما أسمع – أقرأ : املئ قلبي باليقين.. لايأتي في ذهني إلا نوال. أحب هذه الدعوة كثيرا.. وأحيها ملحنة بصوت سامي يوسف حين يقول: املئ قلبي باليقين .. ثبتني على هذا الدين.. لا أعرف لم َ لكنها دعوة قريبة إلى قلبي جدا.. حين تضيق بي الدنيا أتمتم لاشعوريا بـ: املئ قلبي باليقين. عندما أقرأ أي شي يحتوي كلمة يقين أشعر بانجذاب عجيب.. أشعر أنها كلمة سحرية تجذبني بكل مافيني..

اليقين هو وقود حياتنا.. هو مايهون علينا الكثير من الأمور الصغيرة والكبيرة.. اليقين هو أن يرى المتسابق الكأس في خط النهاية فتهون عليه مشقة السباق ويسهل في نظره قفز الحواجز.. اليقين هو الدفعة اللطيفة الرحيمة من الخلف لنتقدم للأمام. اليقين هو ما يجعلنا نشعر بأن لكل شيء حكمة ولكل شيء سبب وأن النهاية لم تأت بعد..

لكون اليقين يحمل هذا المفهوم العظيم الذي يسهل الحياة لم يكن ليأت بسهولة.. لم يكن ليأت في غمضة عين.. لم يكن ليأت في سجدة أو صلاة واحدة.. ولأنه عظيم ولأنه وقود المؤمن وزاده وجُل رصيده فهو بالبطبع لن يأتي بسهولة.. صُوّر لنا بطريقة أو بأخرى أن الإيمان واليقين شيء مثالي جدا. ونسمع قصة أو أخرى ونعرف أننا لن نشعر بما شعره أصحاب هذه القصص من إيمان ويقين لأننا وببساطة نعتقد أن اليقين شيء : لاينمو.. شيء لا نقوم بتربيته داخلنا وبأنفسنا.. شيء لانزرعه نحن.. كنا نعتقد أن الإيمان واليقين العميق يأتي” فجأة” لذلك انصرفنا عن غرسه وتنميته.. الحقيقة  هي أن اليقين يُغرس.. ثم يُسقى وينبت وينمو.. قد يتوقف عن النمو أحيانا لكن باستطاعتنا أن نعيد له الحياة مرة أخرى.. اليقين لايأتي بسرعة ولكنه حين يأتي لايذهب بسهولة.. اليقين قد لاينمو بسرعة ولكنه حين ينمو قدر أنمله تشعر بأثره في حياتك مباشرة..

أتأمل هذه الآية كثيرا وأتأمل الواقعية الشديدة فيها.. واعبد ربك (حتى) يأتيك اليقين.. (حتى) هنا تغير الكثيييير. (حتى) هنا هي الواقعية بعينها.. لم تأت رسالة الإسلام كسحر، لكنها أتت كرسالة واقعية تنقلنا من حال إلي حال وفق قوانين الله في كونه.. (حتى) يعني اعبد ربك.. الزمه .. لاتترك معيته.. ربّي إيمانك ويقينك كما تربي طفلك.. اعبد ربك كثيرا كثيرا.. والعبادة بشتى صورها هنا . ليست مقصورة ع الصلاة أو أو.. اعبد ربك أي استمر في عيش حياتك الكريمة استمر وأنت تحيا هذه الحياة التي كل شيء فيها عبارة عن عبادة.. اعبد ربك (حتى) يأتيك اليقين.. لاتحزن ولاتخف إذا ماشعرت يوما أنك بلا إيمان وأنه فات الوقت لتؤمن بعمق.. لا تجزع إن أدركت يوما أنك بلا يقين لأنه من هذه اللحظة تستطيح أن تبدأ رحلتك إلى اليقين.. وما أن تبدأها سيدأ اليقين رحلته أليك أيضا.. سيعبر نصف الطريق بينما أنت تعبر نصفه الآخر.. وستصل إليه وسيصل إليك..

“دعك من غباء الاغبياء، ومن جهل الجهلاء.. اولئك الذين يضعون الإيمان في قوالب جامدة مجردة؛ طمأنينة وهدوء، وراحة بال، وسير بطيء كئيب قرب الحائط..” * لا تستمع لمثل هذا الكلام، الإيمان واليقين عبادةولن نصل له إلا بعبادة وجهاد.. لن نضل له تماما إلا بعد أن نعمل وبجد ونكافح في هذه الحياة.. ربما نصل وقد صفعتنا الحياة بالكثير من كفوفها. ربما نصل وقد تعرضنا للمصائب والمشكلات.. ربما نسقط تارة وربما “يُسقطونا” تارة أخرى.. لكن لاتهتم للسقطات ولا للصفعات لأنها هي من يربي يقينك .. هي من تعجل سيرك لليقين بطريقة أخرى..

يخيل إلى أننا نعيش في هذه الحياة مرتبطين بمصرف ما.. مصرف من نوع آخر.. في كل يوم أو في كل لحظة نودع للمصرف هذا شيء منا. من إيماننا ويقيننا.. من عباداتنا.. من كل شيء.. وحين يأتي وقت شدة.. يأتي المصرف هذا لنا ونسحب منه ما أودعناه أيام الرخاء.. بقدر ما نكون وبقدر مانعمل في أيامنا العادية بقدر ما نملك القدرة على استخدام ما أودعناه في البنك وصرفه في مكانه المناسب و وقته المناسب،، الذي يقرأ القرآن بقلبه كل يوم الذي يربي يقينه كل يوم ويهتم به عندما يتعرض لمصيبة سيأتي يقينه وينقذه.. لن يجزع ولن يفزع، لأنه أودع إلى مصرفه الكثير من اليقين والكثير من الإيمان .. اليقين والإيمان أصحاب أوفياء ييسارعون بإنقاذك وقت المصائب.. فوطّن صداقتك معهم من الآن.. لتيأس لو كنت في مصيبة أو تحت تأثير خبر سيء… الله يعلم مابك ، الله يعرف تماما وقبل أن تعرف أنت ماذا تشعر به .. اعبد ربك حتى يأتيك اليقين.. وسترى النهاية.. سترى اليقين رأي العين : )..

* أحمد خيري العمري

نوال القصيّر

5 Comments

  1. رد

    رحاب سليمان

    نوفمبر 9, 2010

    اليقين الذي أربي نفسي عليه لأبقى حية بروح تحتمل صعوبة الحياة وأنهض .. اليقين الذي أسر إلى الله أن يملأني به فأحتمل و أمسح الدموع من عيني لأن الخير سيقدم .. اليقين الذي أرتديه هو روح هو النفس هو الحياة .. اليقين بأننا سنصلح الأرض لنحياها و سنموت لأجل قضية وهمّ نهضة .. اليقين بأن ثمة نهضة قادمة وشمس تلوح بالخير القادم .. اليقين أن الموت سيكون لأجل الله وحده .. واليقين بأن ثمة جنّة لا تعب فيها ولا نصب ..

    هو اليقين يا الله فأمددنا به :t3i:
    نوال لا شيء سوى نهضة سنتشارك في إقامتها وجنّة نلتقي بها

  2. رد

    رُبَـى !

    نوفمبر 11, 2010

    شكراً نوال لإنك في كل مرّة تخلينا نتأمل الآيات أكثر :v:

  3. رد

    domo3

    نوفمبر 24, 2010

    @رحاب سليمان:
    اللهم آمين آمييين
    (F)

  4. رد

    domo3

    نوفمبر 24, 2010

    @رُبَـى !:
    الله ينفع يا الطيبة
    :h:

  5. رد

    لبنى

    نوفمبر 24, 2010

    رائعة !
    r5

Leave a comment

Related Posts

لمحة

بكل عاديتي وبساطتي وتعقيدي أكتب وأدوّن حتى أنمو أولاً ومن أجل الأثر ثانياً. مدوّنة نوال القصير عمرها طويل فقد ولدت في عام ٢٠٠٦ تعثرت كثيراً وهُجرت أيضاً ولكنها شهدت أعوام من الالتزام بالكتابة. تطوّرت وتراجعت ثم عادت للحياة مرات كثيرة كنبتة جفّت ثم انعشها المطر. أكتب عن الكتب والقراءة، عن كل المفاهيم والقيم التي أعيشها أو أرغب العيش بها ومعها. مدونة للأيام الجيدة والسيئة.

موصى بقراءته