الآن أعود.

Date
أكتوبر, 18, 2020

الآن أعود !

ولا أعرف لماذا الآن أو ربما أعرف ولكني لست مستعدة للكتابة عن ما أخوضه الآن بالتفصيل.. كانت الرغبة بالتدوين تلح علي بدون توقف على مدار السنة الماضية .. محاولات فاشلة، ثم عزوف ثم محاولة فاشلة أخرى وها أنا اليوم أنجح بكتابة بداية العودة..

سنتان أو تزيد منذ آخر تدوينة، تغير الكثير من خلالها .. هربت الأفكار من رأسي بلا عودة، فلتت الأحرف من لساني وعجز دماغي عن صياغة أسطر بسيطة ليذكرني بأنه عضلة تحتاج للتمرين وتحتاج إلى وقتها الكافي للتعافي والبدء من جديد.

كانت السنتان الماضيتان أشبه بخيال سيء أريد أن أتذكره بشكل جيد لاستحضر أني أستطيع تجاوز الكثير طالما أن الحياة فطرت على كبد على كل حال. لا أعرف ماذا ستحمل الأيام قد تكون أجمل وقد تكون أسوأ ولكن احمل معي حسن ظن بالله كافحت نفسي من أجل تحقيقه ودعاء مستمر : اللهم اجعل ما استقبلت من أيامي خير من ما استدبرت..

خرجت من منطقة الإلهام وكأني منبوذة. لم أقرأ كتابًا (ربما اثنين أو ثلاثة ) ، لم أعد قادرة على ابتلاع الوثائقيات كما كنت. استدرجتني الأفكار المهلكة إلى خارج هذه المنطقة وأودعت نفسي لسيء الأفكار وأفسدتني وسائل التواصل حتى عجزت عن استيعاب مقطع يزيد عن 3 دقائق أو قراءة مايزيد عن 200 حرف . زجرت نفسي كثيرُا ، وبختها ألا تفعل ذلك ، ألا تنجرف وراء ما يهزمها ولكني استسلمت كثيرًا حتى أدركت أنني كنت في حاجة إلى عبور هذه المرحلة بعلاتها كما هي، بالتماهي مع أفكاري الداخلية وظروفي ومواجهتها بدل الهرب منها، أن يأخذ كل شيء مجراه بدون تدخل مني أو مقاومة تضعفني لاحقًا. انتهيت إلى أن الحياة ستسمر على هذه الوتيرة، قفزات و وثبات، ثم سقوط أو سقوط حاد وعلي أنا أن أحيط بالمعنى وراء ذلك وأستمر بمحاولة فهم مايجري ثم التعرف على نفسي أكثر. وهذه الجائزة التي حصلت عليها حتى هذه اللحظة.. لقد عرفت نفسي أكثر أنا التي ظننت أني أحطت بنفسي وأنا أقترب لمنتصف الثلاثينات. تنبهت من جديد إلى أن هذا هو فحوى الحياة، دوائر من الاكتشاف المتكرر للنفس ، من التطور والتغير والتراجع في أحيان آخرى.. وعلي أنا أن لا أقف أمام هذا بل علي أن أخطو معه حتى أتجاوزه بالكثير من الانتصارات .

أديت فريضة الحج وهذا حدث جلل يحتاج إلى الكثير من الكتابة والتفكير .. زرت استراليا القارة العظيمة، مشيت على رمال المالديفز زرت باريس للمرة الألف وتعرفت على برشلونة .. عقدت صداقة طويلة مع القاهرة  .. غيّرت وظيفتي والتحقت بجهة أخرى.. تعلمت صنع الكابتشينو وصار لي بن مفضل ! غادرونا 4 من أفراد عائلتي لأمي إلى الدار الآخرة وكانت هذه أحداث مدوية تمحورت حولها كثير من أفكاري المظلمة. تعرفت على أصدقاء جدد ودخلوا قلبي من أوسع أبوابه وهم ما اسميهم بجوائز الأيام الصعبة. لم أمارس أي من أنشطة الحظر، كانت أيام العمل مزدحمة جدًا ومتطلبة ومن يعمل بمجال التقنية في الرعاية الصحية سيعرف ذلك جيدًا. غفلت عن كيكة الليمون والشوي في الفناء وكنت متعبة للحد الذي لم استطع مجاراة أي من هذه “الهبات” الجميلة. وعلى الرغم من ذلك كانت فترة الحظر جميلة على نحو غريب، وكأنها وقت كنت أحتاجه بشدة للتخفيف من الركض بالخارج والسكون في المنزل.. في قضاء وقت أطول مع زوجي في بيتنا الصغير وإعداد كل الوجبات والمشروبات بأنفسنا. كانت فترة توقف نسبية مخيفة وعظيمة في آن واحد.. دفعتني إلى اتخاذ قرارات ومعرفة نفسي أكثر وعن ما يجعلني في حالة إلهام وأن علي دائمًا أن أبحث عن البيئة التي أزهر فيها ولي في هجرة النبي عليه الصلاة والسلام إلى المدينة أعظم مثل.

الآن أشعر أني مدفوعة للخروج من كل هذا والبحث عن ما يجعل أيامي مبهجة ، عن ما يجعلني أشعر بالطمأنينة والسلام.. أريد أن أعود إلى أحضان مكتبتي، إلى الكتابة عن رحلاتي الكبيرة والصغيرة، اكتشافاتي للوثائقيات والمفاهيم التي تجعلني أحيط بما حولي بشكل أدق..

الآن وبشكل أعجز عن فهمه أشعر أني أكثر تقبلًا.. وأكثر جسارة لمواجهة المجهول.. أكثر تصالحًا مع نفسي وحياتي.. ولكني لن أتوقف لتحقيق المزيد من السلام الرباني الذي أثبت لنفسي بجدارة أنني لا يمكن أن أحيا بدونه.

اليوم أعود بدون وعود قاطعة بالاستمرار فأنا أبدأ من جديد أيضأ في مناحي أخرى من حياتي وأمامي تحديات أكبر الفترة المقبلة ولكني مستعدة ! أعود متجاهلة قلة التفاعل وانعدام الحافز للتدوين.. المهم أني عدت..

  • على الهامش: ينتظرني بعد نشر التدوينة كتاب : الحياة المشتركة .. اعتقد أني عدت.؟

نوال القصيّر

27 Comments

  1. رد

    أماني

    أكتوبر 18, 2020

    عودًا حميدًا
    استمتعت بقراءة التدوينة وكأنكِ وصفتي حالتي في السنتين الأخيرتين..

  2. رد

    ساره

    أكتوبر 18, 2020

    أهلاً ومرحباً نوال💕
    أشتقنا لتدويناتك الرائعة التي دائماً تلامسنا🌿

  3. رد

    صفا

    أكتوبر 18, 2020

    عوداً حميداً نوال استمعت بقراءة التدوينة والهمتني حقيقة .
    شكراً لك .

  4. رد

    منيرة

    أكتوبر 18, 2020

    إنها الهوة التي يسقط الكثيرون فيها دون أن يدركوا ماالذي قادهم إليها ومتى كان سقوطهم، ولكنهم ينجون عادة

  5. رد

    Arwa

    أكتوبر 18, 2020

    أحبك ❤️

  6. رد

    غيثة من المغرب

    أكتوبر 18, 2020

    اشتقنا.. عودا حميدا 🙂
    رغم الغياب كنت ازور بين الفينة و الأخرى بعض التدوينات التي تركت اثرا عميقا في وقتها و لا زالت..
    دمت بخير
    مع محبتي

  7. رد

    البهية

    أكتوبر 18, 2020

    أهلا وسهلا أستاذه نوال. وعودا جميلا جذبنا بجمال ما باحت به هذه التدوينه

  8. رد

    أفنان محمد

    أكتوبر 18, 2020

    على الرغم من الحزن المدسوس بين الحروف والألم الذي يطل من تتالي الأسطر إلا انني ارتويت .. ارتويت حقاً بتدوينتك نوال ..

    وصفتي حاله معقده بطريقه عذبه وازدهار افكار كعادتك المبدعه ..

    سعيده بعودتك ..
    متمنيه لك افضل الأحوال ..

    دِمتي بخير وسلام💖

  9. رد

    عبدالله المهيري

    أكتوبر 18, 2020

    تابعت مدونتك عن طريق RSS بعد أن قرأت مقالك السابق عن روندا، واليوم أجد مفاجأة في القارئ، سعيد بعودتك، أسأل الله لك التوفيق.

  10. رد

    B

    أكتوبر 18, 2020

    عودا حميدًا مدونتي المفضلة. سعيدة جدًا بتواجدك هنا، وقلبي ممتن ويدعو لك ♥️

  11. رد

    أروُى الهَاجري

    أكتوبر 18, 2020

    أحلى عودة..
    ما تتخيلين شلون فقدت أسلوبك / كلامك / طرحك ..

    أيام حلوة قدامك يا ربّ ❤️

  12. رد

    غدير

    أكتوبر 19, 2020

    عوداً حميداً
    و سلامة خاطرك وروحك الحلوة. سبحان الله كيف أنه تغيب عنا المعاني في الأيام الصعبة، ونكون مضطرين للانحناء لها. لكنها حتماً تعطينا عمق وبصيرة في نظرتنا لأنفسنا وللحياة .. كلنا شوق لقلم نوال ونظرتها وتجاربها، بالذات احنا محبين المدونات صح قليل لكنا أوفياء 😂💛.. تقريباً كنت أدخل كل شهر أشيك إذا نزلتي شي جديد ولا لا.

    الله يعمر أيامك بالرضا والسعادة ♥️

  13. رد

    نوره

    أكتوبر 19, 2020

    اشتقت لك وانبسطت يوم شفت التدوينة.
    وجدت نفسي في بعض السطور، وصفك -بطريقة ما- جعلني أشعر بالاطمئنان والسلام..

    شكرًا لك وعودًا حميدًا

  14. رد

    نوار طه

    أكتوبر 19, 2020

    يا للسعادة! 😍😍
    عودًا حميدًا نوال، اشتقت لحروفك جدًا، ولو أنني لم أنقطع عن قراءتها خلال فترة غيابك.
    ننتظر جديدك 🙂
    أطلق الله قلمك وجعله غزيرًا سيالًا 😁

  15. رد

    صفاء

    أكتوبر 19, 2020

    عودًا حميدًا، دائما ما كانت مدونتك المفضلة لدي وخصيصا سلسلة تدوينات فطور السبت.💖

  16. رد

    ريم

    أكتوبر 21, 2020

    مُذهله ، استمتعت بقراءة أحرفك ❤

  17. رد

    Rawan

    أكتوبر 22, 2020

    سرّتني عودتك 💜

  18. رد

    Renad

    أكتوبر 22, 2020

    عودًا حميدًا ، اشتقنا ♥️

  19. رد

    صافية

    أكتوبر 23, 2020

    التدوينة وصفت الفوضى في داخلي كما لم يصفها كتاب أو مقال أو فكرة !

    مدونتك هذه تعتبر من جوائز الأيام الصغبة بالنسبة لي ♡

    لا تحرمينا لذيذ وجودك.

  20. رد

    Amani

    أكتوبر 23, 2020

    مررتُ، قرأت واستمتعت ثم دعوت لكِ، شكرًا لمشاركتك أيقظتِ بعض الشعور المنسي فيني..

  21. رد

    بشرى

    أكتوبر 24, 2020

    جميلة هي العودة الصافية بعد زوبعة التحدّيات الذاتيّة..
    العودة أشبه بميثاق جديد أو صفحة بيضاء، لا تجب ما قبلها، بل تحتضن ما بعدها!
    وبدا ذلك المعنى جليًّا في كلماتك..
    مبارك لنا عودتك.. فالتدوين له قامات، وبغيابها يبدأ بالمشي أعرج.
    كل التوفيق.

  22. رد

    لطيفة

    أكتوبر 31, 2020

    قارئة حديثه للمدونه .. بوركتِ واستمري

  23. رد

    zahra amzil

    ديسمبر 1, 2020

    عودة حميدة نوال
    بالفعل كلنا نعيش بين الفينة و الاخرى احداث و مشاعر نحتاج لوقفة خاصة بها حتى نستطيع ان نكمل حياتنا بشكل افضل.
    هل ستشاركينا تجربة الحج؟

    لقد اديت العمرة العام الماضي و كانت مقالتي عنها من اجمل الخواطر التي كتبتها.

  24. رد

    مشاري

    ديسمبر 28, 2020

    أتمنى لك كل خير نوال ..
    سعيد بأنك بخير وبعودتك للتدوين ..

    كل السعادة لك

  25. رد

    مريم

    ديسمبر 31, 2020

    رائع المقال ومُلهم جداً 🥺🥺 يدخل للقلب مباشره في العمق

  26. رد

    Sha

    يناير 30, 2021

    عوداً جميلاً..

    انتي ملهمه ولا نريد هذا الانقطاع..
    عودي بكل عبارات تجعلنا سعداء اكثر

  27. رد

    حنان

    أغسطس 5, 2021

    الحمد لله انك عدت إلى التدوين لقد افتقدتك والله وافتقدت الاحساس الجميل الذي ينتابني عندما اقرأ لك

Leave a comment

Related Posts

لمحة

بكل عاديتي وبساطتي وتعقيدي أكتب وأدوّن حتى أنمو أولاً ومن أجل الأثر ثانياً. مدوّنة نوال القصير عمرها طويل فقد ولدت في عام ٢٠٠٦ تعثرت كثيراً وهُجرت أيضاً ولكنها شهدت أعوام من الالتزام بالكتابة. تطوّرت وتراجعت ثم عادت للحياة مرات كثيرة كنبتة جفّت ثم انعشها المطر. أكتب عن الكتب والقراءة، عن كل المفاهيم والقيم التي أعيشها أو أرغب العيش بها ومعها. مدونة للأيام الجيدة والسيئة.

موصى بقراءته