خرجنا من أحد المقاهي في بروج لنستكمل اكتشاف المدينة مشياً، صادفنا حين خروجنا عائلة مبتسمة تنظر لنا بحب وإيماءة رأس وتحية سحرية تمتم بها جميع افراد العائلة: السلام عليكم، بادلناهم التحية والابتسامة ، كان مرورهم مبهج جداً وعرفنا من خلال “السلام عليكم” أن العائلة مسلمة. توقف والدهم حسين معنا بعد السلام وتجاذبنا أطراف الحديث في دقائق بسيطة كانت ماتعة جدا عن عمل زوجي وعملي وعمله، أين نسكن وأين يسكن. حسين وعائلته من مسلمي جنوب أفريقيا جاؤوا إلى لندن لزيارة ابنتهم التي تدرس في أحد الجامعات واختاروا قضاء بعض الوقت في بروج. سألنا من أين نحن وكانت ردة الفعل النمطية على أننا سعوديين: اووه مكة والمدينة :). إنه لشيء جميل جدا أن يتم معرفتك من خلال أماكن مقدسة، انتمائك لها يخلف في نفسك فخر عظيم.. أن تُعرف مسبقا على أنك “مسلم” من حجاب الرأس وطريقة اللبس مهما بدت غير جذابة أو ترضي الحس الأنثوي لدينا. كل هذا الشعور يزول لدي حين نمر ويلقي أحدهم التحية بالسلام عليكم كإعلان أننا نتشارك ذات القيم مهما اختلفنا في الجغرافيا، أن هناك أشياء كثيرة نتقاسمها وإن لم نكن نعرف بعضنا البعض.
حدثنا حسين الطيب عن وضع المسلمين اليوم في جنوب أفريقيا ، وعن بعض الشباب المسلم من الخليج الذين يأجرهم جزء من بيته أثناء فترة دراستهم في جنوب أفريقيا. حدثتنا عن انسلاخ البعض من القيم الاسلامية وكيف أثر الترف والرفاهية في سلوكيات الأجيال و حدثتنا عن تمسك البعض الآخر. يقول أنه لا يسمح بمن يقيم عنده بأن يشرب الخمر أو يترك الصلاة، أو لايصوم فرضه، فهذه خطوط حمراء يجب أن لايتجاوزها من يقيم تحت سقف بيته. كما أنه لايتوانى عن تقديم النصح لهؤلاء الطلبة عندما يجد منهم ما لا يُقبل من شخص مسلم.
حسين الكريم دعانا إلى زيارة جنوب أفريقيا، أخبرناه أنها لطالما كانت من ضمن الخيارات المطروحة في الزيارة وقد خططنا لرحلة من قبل لكن كانت الظروف في عمل زوجي غير مواتية فلم تكتمل الرحلة، والآن يبدو أن الخيرة بدت تتضح ، فخلال رحلتنا القادمة إلى جنوب أفريقيا ستتاح لنا الفرصة -التي لم تكن ممكنة آنذاك- لزيارة حسن وعائلته وسيضاف إلى رصيد خبراتنا ومعارفنا خلال السفر الشيء الكثير : ).
الباب التاسع
——–
الباب العاشر
