صحن أمي .

Date
أكتوبر, 08, 2017

 

لديّ من الأواني الجميلة جدًا والثمينة معنويًا ما يكفي، ولكن لهذا الصحن قصة مختلفة ومكان مختلف في قلبي وحياتي ومطبخي أيضًا. هذا صحن أمي الذي وضعت لي بداخله الطبق النجدي اللذيذ “قرصان مبلولة بالمرق” ربّما في أول شهرين من زواجي رغبة منها في أن يتذوّق فهد هذا الطبق من يديها الكريمة. لكني لم أعيده يومًا لها وظل لديّ أستخدمه حتى هذا اليوم، أتذكر فيه طعم طبخ أمي المتفرّد جدًا لأنها أمي، أتذكر كل الوجبات التي صنعتها لي أمي رغم التعب والإرهاق الذي يصيبها. احتفظت به لأنه يعيد إلي كل الأوقات التي تحلّقنا فيها كعائلة حول سفرة واحدة وأواني بسيطة جدًا كانت سائدة في وقت ما، الصحن الذي بدخله وردة و”التبسي” الذي تكون حدوده ملونة وبورود من الداخل. يذكرني صحن أمي بالبساطة على سفرة الطعام سابقًا قبل أن تجتاحنا ثقافة التصوير لحساباتنا في الشبكات الاجتماعية والاهتمام بشكل السفرة والتبضع لأواني جديدة تشبه الآخرين أكثر من ما تشبهنا من أجل التصوير. بالسفرة حين كانت لتناول الطعام مع العائلة في أواني يقتنيها أغلبية الطبقة الوسطى لأن الخيارات الاستهلاكية أقل بكثير و ثقافة الاستهلاك لم تكن كما هي عليه اليوم. بزمن لم تكن لمثل هذه الأمور أولوية قصوى، ولا ميزانيات مخصصة و خزائن متكدسة. أحب هذا الإناء لأنه أصبح يمثّل أكثر من إناء بالنسبة لي. رمزًا لعطاء أمي، لكل الأشياء التي تعلمتها أمي من أجلنا، لكل الظروف التي مرّت بها ولكنها لم تتوانى عن الرعاية والاهتمام وصنع ما يرضي جوعنا. هذا الصحن الذي يعود إلى “زمن الطيبين” يتصدر مطبخي لكثرة استخدامي له لأن فيه حب أمي، وعطاء أمي، وبساطة أمي، ومذاق أمي، و ذوق أمي، و سخاء أمي، وكل شيء عن أمي.

نوال القصيّر

7 Comments

  1. رد

    سعد

    أكتوبر 8, 2017

    “تشبه الآخرين أكثر من ما تشبهنا” 👌🏼👏

  2. رد

    Amani Attiah

    أكتوبر 8, 2017

    الله يخلي كل الامهات يارب على هذه الأرض ويرحم من تحت الأرض، أمي هي أكبر دافع لي اني اتعلم كل جميل لا ينساه ولدي واصنع ذكريات خاصة بي معه واساليب حياة صحيحة سليمة ومتفردة لا يتذكرها الا اولادي، تدوينة لامستني💕

  3. رد

    نوار طه

    أكتوبر 8, 2017

    حفظها الله وأدامها 🙂
    تدوينة بسيطة وعميقة، كما أنه بها من المعاني الكثير..أسعدتني جداً ^^

  4. رد

    خولة

    أكتوبر 8, 2017

    ياجمااااال قلبك وإحساسك نوال 💔😭♥️
    جاري لطش صحن من مطبخ امي و جدتي بعد 👌🏻♥️

  5. رد

    وادى نيوز

    أكتوبر 9, 2017

    حفظها الله

  6. رد

    نور عمران

    يونيو 29, 2020

    ومن كأمي!!!!

  7. رد

    aniss

    ديسمبر 14, 2021

    عندما قرات العنوان وشهدت الصورة دمعت عيني لأني باختصار تذكرت صحن أمي.

Leave a comment

Related Posts

لمحة

بكل عاديتي وبساطتي وتعقيدي أكتب وأدوّن حتى أنمو أولاً ومن أجل الأثر ثانياً. مدوّنة نوال القصير عمرها طويل فقد ولدت في عام ٢٠٠٦ تعثرت كثيراً وهُجرت أيضاً ولكنها شهدت أعوام من الالتزام بالكتابة. تطوّرت وتراجعت ثم عادت للحياة مرات كثيرة كنبتة جفّت ثم انعشها المطر. أكتب عن الكتب والقراءة، عن كل المفاهيم والقيم التي أعيشها أو أرغب العيش بها ومعها. مدونة للأيام الجيدة والسيئة.

موصى بقراءته