نحو التخفف Minimalism : تمرير ، تبرع وإعادة تدوير.

Date
يوليو, 20, 2017

مضت ثلاثة أشهر أخرى على قرار التخفف والاكتفاء هذه السنة.. بدأت الأمور تصبح أفضل و أسهل من ما توقعت أو تخيّلت. خزانتي صارت أخف بنسبة بسيطة تقارب الـ 20% لكنها أخف من قبل وهذا المهم. في الثلاثة أشهر الأخيرة الماضية استهلكت الكثير من الملابس المركونة في الخزانة ، وتخلصت من الملابس المعطوبة و بعض الصحون والتحف المنزلية التي لم تعد صالحة للاستخدام.. حولت بعض الملابس إلى منشفة للاستخدام في المطبخ حتى بُليت تمامًا. أخرجت للتبرع كيس مُمتلئ الشهر الماضي بملابس بحالة جيدة وأخرى بحالة ممتازة لم تعد تناسبني.. كيس ممتلئ آخر بملابس بقياس صغير جدًا أصغر من قياسي حاليًا إلى ابنة أختي التي كبرت كثيرًا وصار من المجدي تمرير بعض الملابس الرائعة بدل أن تُركن في الخزانة على أمل خسارة الكيلوات الزائدة.. المحصلة أن منزلي صار أخف بما يقارب الـ 67 قطعة مختلفة. والإضافة كانت قليلة لا تزيد عن 10 قطع لكنها قابلة للاستهلاك في وقت قصير.

تبرعت ببعض التحف المنزلية ومررت بعض الصناديق المتكدسة لصديقة رغبت بها بشدة.. قمت بجرد بسيط للكتب في مكتبتنا و وجدت كتب مكررةبيني وبين فهد.. كتب قيمة وثمينة لذلك مررت بعضها لشخص أعرف أنه سيستفيد منها ويحب الاطلاع ولكن هذا الشخص لا يملك الراحة المادية الكافية لشراء كتب. وجدت أن الاحتفاظ بالكتب وتكديسها قد يكون أمر مخادع قليلًا، أعتقد أن الكثير من القراء سيميل للاحتفاظ بالكتاب حتى وإن لم يعجبه إطلاقًا لأن الكتب استثمار و الحاجة لها دائمة. علاوة على الشعور بأن الكتب هم أطفالك فكيف يمكنك الاستغناء عنهم ؟ دائمًا ما كنت تحت الانطباع أنه يجب علي الاحتفاظ بالكتب ليومٍ ما ، و للحظةٍ ما ولكن الحقيقة أن تمرير الكتب لمن سينتفع منها أو تعجبه استثمار بشري أكبر بكثير من الاحتفاظ بها كزيادة عدد ومساحة محتلة بلا داعٍ. إنها بمثابة صدقة جارية لعلم ينتفع به أحدهم بطريقته. لذلك قررت أن أتخلص من الكتب التي لم تعجبني شخصيًا لمن لم يقرأها مسبقًا وقد تعجبه.

بدأت العلب تنتهي، مرطبات وجه و منقيات. صابون الاستحمام وعناية الخ.. لم أشتري أية إضافات قبل أن ينتهي ما لدي.. أصبح هناك عدة أماكن فارغة في الدرج . بذلك استطعت التعرف على ما يناسبني حقًا وما لم يعجبني من هذه المنتجات لأني اضططرت إلى استهلاكها بشكل منتظم وإنهائها. مضى وقت طويل على شراء منتجات عناية جديدة لا أحتاجها.. والمفاجأة صرت أكثر مقاومة وأقل انصياع لأي منتج جديد يحمل وعودًا خيالية لتصحيح البشرة ومشاكلها. قمت بتدوير بعض الإطارات غير المستخدمة، وألواح التقطيع غير الصالحة للاستخدام سأدرجها قريبًا في المدونة. صنعت بعض اللوحات الفنيّة من بقايا قطع مختلفة متفادية قدر المستطاع رمي الأشياء في القمامة ومحاولة عذراء مني لتقليل المخلفات. عدوى التخفف وصلت زوجي و الحمد لله ( بعد الزن طبعًا 😀 ) وتخلّص من 70% من ملابس قديمة لم تعد نافعة. تخلص من حقائب سفر لا داعي لها، مرّر جهاز لوحي لأحد أفراد العائلة وكذلك أنوي مع جهازي المحمول. بعد ما تخلصت من مكياج منتهي وقديم، قريبًا أضفت أساسيات أدوات الزينة ولكني هذه المرة اخترت ماركات مختلفة عن ما كنت أشتريه سابقًا بأسعار مرتفعة جدًا.. قررت الشراء من ماركات جيدة وأسعارها متوسطة وعلب أصغر تناسب استخدامي القليل مثل bourjois – MAKEUP REVOLUTION – لوريال وغيرها. اشتريت عدة قطع أساسية ومتنوعة جدًا بقيمة كريم أساس واحد تقريبًا من بوبي براون و جورجيو أرماني رغم عشقي لهم لكن يجب أن أكون ملتزمة بقراري هذه السنة، خصوصًا مع اقتناعي التام بأن نصف السعر لصالح اسم المصمم والدار.

بعد كل هذا الجرد والتخفف في الملابس خصوصًا اكتبست منظور جديد تجاه ما نلبس . صرت أنتبه لجودة الملابس ومم تصنع وكيف تخاط؟  انتبهت إلى رداءة بعض الخامات وعمرها الافتراضي القصير .. تفكرت كثيرًا في الاستدامة في الملابس بشكل معقول . لاحظت أن بعض الملابس لدي مهما كان سعرها ومصدرها فإنها وبرغم النظافة والغسيل تُطلق رائحة غير محببة.. رائحة أشمها حين أقترب من القماش كثيرًا.. علاوة على أنها لا تعيش مطولًا كما يجب لها. اكتشفت أن معظم هذه القطع تكون مصنوعة من البوليستر وحينما قرأت عنه وجدت أنه من أسوأ أنواع الأقمشة الصناعية المليء بالمواد الكيميائية والتي قد تزيد من السموم في الجسم لأنها تلامس الجلد.. بحثت مطولًا عن أفضل الأقمشة وسأشارركم في التدوينة القادمة عن مبدأ الاستدامة في خزانة الملابس و طريقة الفرنسيين في التبضع رغم إغراءات الـ Fast fashion . صرت أبني قرارات التخلص من الملابس بناء على الخامة المستخدمة أيضًا وليس على مرات استخدامها أو صلاحيتها فقط. حينا أحتاج لشراء قطعة جديدة صرت أتأكد من نوعية القماش وأستبعد الأقمشة الرديئة وأميل دائمًا للقطن غيره من الأقمشة الطبيعية.

التقطت صورة لخزانتي بعد التقليل من غير المناسب، والبدء باستخدام ما نام هنا فترات طويلة بانتظار مناسبة استثنائية لا تجيء حتى يُرتدى.. خف التكدس كثيرًا عمّا قبل ولله الحمد ولا زالت بحاجة إلى أن تكون أخف . لم أقوم بتصويرها قبلًا ولكني الآن بدأت برصد التغييرات العامة عليها وعلى كثافة ما تحتويه.. هدفي أن تنتهي السنة بإذن الله وقد تقلص من محتوياتها رف كامل. عندها سأشارككم الصور والتغييرات.

المفاجئ أني اكتشفت أن لذة وشعور التخلص من الأشياء واستخدام ما لديك يفوق وبمراحل كبيرة شعور الشراء و “بعزقة” المال. الدوبامين لا يُطلق فقط بالشراء وامتلاك سلع جديدة فحسب. شعور التبرع والتخلص من بعض الأنانية جميل جدًا.. أن تنتصر على نفسك بالتخلي عن سلعة ترغبها لمن سيحسن استخدامها ويحتاجها فعلًا. أن تعتاد تجنب الوفرة قدر المستطاع رغم سهولة الوصول إلى السلع ، أن تحسن إدراة ممتلكاتك بعد أن أفسدتك القيم الاستهلاكية الجديدة.

نوال القصيّر

12 Comments

  1. رد

    خلود

    يوليو 20, 2017

    جميل!
    متابعة للتجربة وأترقب النتيجة الكبرى ✨
    كأنني الآن بدأت أشعر بجذوة حماس في نفسي لعمل نفس التجربة..
    شعور التخلص ذكرني بطريقة كونماري، وهي طريقة ترتيب ابتكرتها يابانية اسمها ماري كوندو تحدثت عنها مفصلًا في كتابها “The life changing magic of tidying up” تقريبًا أكثر ما كانت تركز عليه هو التخلص – ارمي، وارمي، وارمي 😂-

    ننتظر التدوينات القادمة، تدوينات متألقة مثلك نوال 💖

  2. رد

    فاتن بنتن

    يوليو 21, 2017

    يا جمالك وجمال ماتكتبيه 💜
    التجربة ممتعة وكما ذكرتِ فأنا أيضاً تفاجأت بكمية السعادة التي أشعر بها حين اتخلص من بعض الأغراض سعادةً تفوق سعادتي بشراء أغراض جديدة 👍🏼

    استمري واتحفينا بمزيد من الصور الرائعة 😍

  3. رد

    عاليه

    يوليو 21, 2017

    جداااا روعه ومفيد ،، الله يوفقك اينما وجهت وجهك امين 🌺🌺

  4. رد

    روفي

    يوليو 22, 2017

    مرحبًا نوال،
    إن كنت ستمررين كتبًا مرة أخرى، أقترح أن تمرريها لي (أنا بالرياض) إن لم يكن ببالك شخص آخر.
    في النهاية عملية التمرير تحتاج شخصين لتتم :))

    • رد

      Nawal AlQussyer

      يوليو 22, 2017

      اهلا روفي.. يسعدني جدًا مساعدتك بتمرير الكتب ان كنتي في حاجتها.. هذه المرة كما قلت مررتها لشخص مميز في حاجة لها. ربما المرات الاخرى القادمة شكرا لك

  5. رد

    ساره

    يوليو 30, 2017

    مساء الخير نوال المُلهمة ()
    فكرة التخفف تروقني كثيراً، لدي الكثير من الممتلكات المتراكمة والمتكدسة، أشعر بالصيق حيالها مع رغبة مُلحة بالاحتفاظ بِها.
    آمل أن أصِل لمرحلة التخفف بكل أريحية.
    بارك الله فيك، استمرّي، ليس من الجيد أن يترك الإنسان وراءه الكثير من الأشياء التي أخذها له، بل عليه ترك الكثير من العطاء.

  6. رد

    بشرى

    أغسطس 3, 2017

    راااائع نوال , أشعر بشعورك بالسعادة كوني حققت نفس الهدف الشهر الماضي شعور عظيم بالخفة و الضمير القنوع !!
    شكراً لمشاركتنا كل هذه الفائدة .. تحياتي.

  7. رد

    المثالي اون لاين

    أغسطس 9, 2017

    ررررررررررائع

  8. رد

    جواهر

    أغسطس 10, 2017

    كلما قلت المقتنيات ، كلما قل التشتت

    الحياة البسيطة جميلة
    الله يلهمنا الصواب

    سعيدة بتجربتك وتدوينها
    ننتظر المستجدات!

    عن نفسي تخلصت من الأحذية ..
    المحصلة النهائية كانت قطعة واحدة فقط من كل نوع !

  9. رد

    خزامى

    ديسمبر 31, 2017

    أعتقد أن عملية التخفف تضفي على المنزل طابع شخصي تجعل المكان ممتلئ بأرواخ الآشخاص واهتماماتهم .. بعيد عن التكرار التقليدي

  10. رد

    alzhraniimohammed

    أغسطس 31, 2018

    تجربة جيدة. ويقولون: من باب التخفف،
    “سافر من غير متاع”

Leave a comment

Related Posts

لمحة

بكل عاديتي وبساطتي وتعقيدي أكتب وأدوّن حتى أنمو أولاً ومن أجل الأثر ثانياً. مدوّنة نوال القصير عمرها طويل فقد ولدت في عام ٢٠٠٦ تعثرت كثيراً وهُجرت أيضاً ولكنها شهدت أعوام من الالتزام بالكتابة. تطوّرت وتراجعت ثم عادت للحياة مرات كثيرة كنبتة جفّت ثم انعشها المطر. أكتب عن الكتب والقراءة، عن كل المفاهيم والقيم التي أعيشها أو أرغب العيش بها ومعها. مدونة للأيام الجيدة والسيئة.

موصى بقراءته