ألذّ الكرواسونات حول العالم

Date
مارس, 20, 2017

 

*كرواسون شوكلاته كان يقدّم على الفطور في منتجع في جزيرة موريشوس.

******

الكرواسون أصبح رمز عالمي معروفي، ودائمًا نتذكر فرنسا حين نتحدث عن الكرواسون. ودائمًا ما يتم تعريف باريس بالمخابز ومتاجر المعجنات والكروسونات. إلا أن قصص متعددة وروايات تاريخية إن صحت تقول أن منشأ الكرواسون لم يكن في فرنسا، بل كان في فيينا – النمسا حاليًا- في القرن الثالث عشر. قرأت عن تاريخه كثيرًا وتنوعت القصص عن منشأه وقصته وسبب تسميته ولا أعرف أي منها الصحيح. هناك روايات تقول أن الكرواسون صنعه أحد خبازي فيينا بعد ما نجح ملك بولندا في فك الحصار الذي فرضه عليهم الجنود العثمانيين أثناء فتوحاتهم. فعندما نجح الجيش في إبعاد العثمانيين وانحسارهم، خبز الخبازون المنتشرون في فيينا معجنات شكلها يشبه شكل الهلال الذي كانوا يرونه على أعلام العثمانيين. كوسيلة للاحتفال بالتخلص من الجيوش العثمانية. فقاموا بصنع معجّنات على شكل الهلال crescents وكان اسمها: Kipferl بالألمانية وتعني: أهلة / هلال. إلا أن الكثير من المؤرخين يرى أنه لا أصل لمثل هذه الأساطير والقصص وهي مجرد خرافات، فالكرواسون لم يظهر قبل القرن الثامن أو التاسع عشر. يقال أيضًا أنه وصل إلى فرنسا أول مرة عن طريق المخبز Boulangerie Viennoise الذي بدوره ألهم البقية على صنع الـKipferl ولكن بنسخته الفرنسية croissant. أما الرواية الأخرى لانتقاله إلى فرنسا فهو عن طريق ماري انطوانيت حينما تزوجت ملك فرنسا، وافتقدت الـ Kipferl الذي كانت تتناوله صباحًا حتى رفضت الجلوس في المائدة لأنها تفتقد غذائها في الوطن، فإكراما لها قام الخبازون في فرنسا بصنع نسختهم من الكرواسون في فرنسا.

أعتبر الكرواسون من المعجنات المفضلة لدي بعد الـ Danish ، وأحب تجربته من أماكن مختلفة ولا سيّما في مدينة المعجنات: باريس الساحرة. سأكتب عن بعض الكرواسونات الاستثنائية التي تذوقتها وأماكن وجودها وسأقوم بإضافة ما يعجبني في تدوينات متصلة منفصلة.

 

كرواسون مقهى Carette / كاغيت في باريس:

أحب هذا المقهى جدًّا، عرّفني عليه زوجي عن طريق صديقه الذي عاش في باريس سنوات كثيرة فأصبح يعرف أفضل مافيها. المقهى له فرعين أحدها صغير في هضبة مونتمارت الجميلة والآخر في Place des Vosges. ذهبنا لتجربته أول مرة وكان من حسن حظنا أن الكرواسون للتو خرج من الفرن. قمنا بتذوق كرواسون الشوكلاته والعادي ونكهة أخرى نسيتها. كرواسون الشوكلاته كان في غاية اللذة، وفضلته أكثر على كرواسون pierre herme الذي لم تعجبني الشوكلاتة كما أعجبتني في كاغيت. العجينة مثالية، هشّة وطريّة. والشوكلاتة موضوعة بالقدر المناسب. أما الكرواسون الأصلي/ العادي فلا يقل لذة عن كرواسون الشوكلاتة. درجة التحمير لمعجنات كاغيت مثالية وكما أحب.

وبالمناسبة، كاغيت يقدم مشروب الشوكلاتة الساخنة كأفضل مذاق يمكنكم الحصول عليه. لا تفوّتوا فرصة تناول الكرواسون مع مشروب الشوكلاتة الساخن من كاغيت في شتاء باريس. كاغيت أيضًا يخبز الماكرون الشهيّ بنكهات متنوعة ومختلفة. اعتبر ماكرون كاغيت أفضل ماكرون تذوقته -وقد تذوقت الكثير- وخصوصًا بنكهة الكارامل والفانيلا. من الأسباب التي تجعلني أحب كاغيت هو أنه مقهى فرنسي محلّي، لم يصبح عالمي وينتشر. مما يجعله مميز جدًّا ولم يفقد أصالته.

———–

كرواسون مقهى Brioche Dorée في فرنسا:

 

 

Brioche Dorée سلسلة مقاهي منتشرة في بعض دول أوروبا، وموجود في الرياض جدة ودبي أيضًا حسب علمي. لكن أظن أن اللذة كانت تعود إلى الجو المحيط بي حينما تناولته تلك اللحظة. كنا على الحدود الفرنسية مع ألمانيا وسويسرا في رحلة برية في أوروبا. توقفنا لتناول القهوة في إقليم الـ Alsace. وجدنا مقهى بريوشي دوري وكان الكرواسون ساخنًا ومعد حديثًا. خرجت لتناوله والطبيعة الربانية تحوطني. أشجار خضراء وأعشاب على مد النظر. جبال تحجب الأفق و قلاع تبدو صغيرة من مكاني. ونسمة هواء عليل أشعرني بالانتعاش. لازلت أذكر طعم العجينة وليونتها، طعم الشوكلاتة و القرمشة الموزونة في قشرة الكرواسون.

———–

كرواسون مخبز Woerlé Charles Sarl في ستراسبورغ:

 

لن أنسى طعم ذلك الكرواسون الرائع. كان مختلف تمامًا عن كثير من الأشياء التي تذوقتها. يبدو الكرواسون كوصفة منزلية محترفة لن يتقنها إلا صاحبتها. المتجر محليّ ويبدو أنه يعود إلى عائلة. تشم رائحة الخبز والمجعنات منه على بعد أمتار. قادتنا الرائحة للمطعم قبل التوصية. رشات السكر على قشرة الكرواسون كانت مثالية لطعم مختلف متوازن. قوام الكرواسون كان مميز حقًّا. مقرمش وهش بطريقة متجانسة بشكل عجيب. حزنت عندما انتهى كرواسوني فلقد كان رفيق مميز لقهوة بالحليب أثناء التجول في شوارع ستراسبورغ الفرنسية.

———–

 

كرواسون مخبز Gryffebegg في بازل / سويسرا:

 

كنت أعتقد أن معجنات باريس لا يُعلى عليها، لكن هذا المخبز الصغير جدًّا والمحلي في مدينة بازل في سويسرا جعلني ألغي تلك الفكرة. رائحة المحل عبقة بالمخبوزات المتنوعة. تبيع فيه سيدة كبيرة يبدو أنها تقن الخبز للدرجة التي جعلتني أُغرم بالكرواسون الذي يقدمونه. في المخبز طاولات قليلة وخيارات كثيرة من المعجنات التي يمكنك تناولها حالًا أو تغليفها وتناولها لاحقًا وأخرى لتقديمها كهدايا. اخترت تذوق كرواسون الشوكلاتة ولم أندم. كانت العجينة تذوب في فمي كالزبدة وأفضل بكثير. تماسك القشرة والعجين من الداخل كان مبهر. طعم الشوكلاتة المضافة خرافي ويتلائم مع تكوين العجين وكأنهم خلقا لبعضهما. سألخص طعم الكرواسون بالتالي: لو كنت أعيش في بازل سأذهب كل صباح لتناول هذا الكرواسون على الفطور وأتمتع بالرائحة الجميلة وبابتسامة السيدة في المخبز.

 

———–

كرواسون Moisson des Saveurs في باريس:

 

كنا نتجول في باريس حتى لفت انتباهي الطابور الطويل الذي وصل إلى خارج المحل وعند بداية الشارع الرئيسي. قررنا أن نتذوق من هذه المعجنات خصوصًا أن الطابور منظم و الخدمة سريعة. لم تكن لدينا أدنى فكرة عن المخبز ولم أسمع به من قبل ولم يسبق لأحد ترشيحه لي. لكني أحب العشوائة والاكتشاف الغير مخطط له في السفر. اخترت سريعًا خياري الأول دائمًا كرواسون الشوكلاتة فمن خلاله يتضح لي مهارة الخباز في موازنة النكهات واختيار نوع شوكلاتة جيّد. كان اختيار رائع، خصوصًا أني وقفت حائرة أمام معجنات كثيرة وبحشوات مختلفة وألوان زاهية. لا يوازي كرواسون بازل و ستراسبورغ لكنه خيار ممتاز جدًا في حال تواجدكم في نفس المنطقة في باريس. ما يميز الكرواسون حين تذوقته أنه يكاد يكون معدوم من الزيت والزبدة فلا أثر له في الكيس ولا على اليد ولا حتى في داخل العجين.

 

———–

كرواسون الزعتر من مقهى Paul في الرياض:

مقهى بول أشهر من نار على علم، منتشر في مدن كثيرة، والجميع يعرفه. لكن المميز في فروع الشرق الأوسط ( فروع السعودية على الأقل ) وجود كرواسون الزعتر اللذيذ جدًّا والذي لايوجد في فروع أوروبا. أصنفه كأفضل كرواسون زعتر تذقته، فليس الأمر محصور بجودة الكرواسون فقط، ولكن ايضًا بجودة الزعتر المضاف وطعمه. ولأني أحب الزعتر وأستطيع التمييز بين الأنواع الجيدة من غيرها، وجدت أن كرواسون الزعتر في باول كأشهى مايكون عليه الزعتر والكرواسون. عيبه الوحيد زبدة فائضة مما يجعله ثقيلًا على المعدة.

نوال القصيّر

6 Comments

  1. رد

    عفاف

    مارس 20, 2017

    يا شيخة حرام عليكي
    انا عاملة ريجيم لاستعادة وزني بعد ما ولدت، و لكن بعد قراءة التدوينة الشهية اشك انني استطيع المقاومة
    مشكورة و واصلي امتاعنا و افادتنا
    😎

    • رد

      Nawal AlQussyer

      أبريل 3, 2017

      هههههههههههه ، كل أسبوعين خذي يوم إجازة واستمتعي بشيئ تحبينه . والحمد لله على سلامتك وسلامة المولود.

  2. رد

    سميه

    مارس 20, 2017

    يم يم اشتهيت
    اعشق الكروسون المالح خصوصا الجبن والزعتر، احب أكله فرش واكره اسخنه

    جربي كروسون الميني زعتر حق قولدن براون لذيييذ

    • رد

      Nawal AlQussyer

      أبريل 3, 2017

      مثلك أنا، الكرواسون بعد التسخين يفقد لذته وقوامه المميز.
      ان شاء الله بجربه قريب شكرا للتوصية.

  3. رد

    مريم

    مارس 30, 2017

    تدوينة رائعة وشهية للغاية ..
    سؤالي :كيف يخطر على بالك كتابة تدوينة عن الكروسون هل تخططين لفعل ذلك وبعدها تجمعين صورا أم العكس تأتي صدفة .
    أحب بساطتك في الكتابة وتحويل البسيط الى شي مدهش .
    أتمنى ان تطريقين الى التخطيط في سفر من ناحية مالية ^^
    يومك سعيد .

    • رد

      Nawal AlQussyer

      أبريل 3, 2017

      شكرا لك مريم، ممتنة والله لكلامك الطيب يا طيبة.
      في الغالب ما أخطط من البداية لمثل هذه المواضيع. يعني ماتكون في بالي بجرب كرواسونات وبكتب عنها، لا. أنا أحب الكرواسونات ولما جربت كم واحد قررت أوسع التجارب وأكتب عنها. ونفس الشي مع البرقر والمكتبات.

      بإذن الله أكتب تدوينة عن التخطيط للسفر و الادخار للسفر.

Leave a comment

Related Posts

لمحة

بكل عاديتي وبساطتي وتعقيدي أكتب وأدوّن حتى أنمو أولاً ومن أجل الأثر ثانياً. مدوّنة نوال القصير عمرها طويل فقد ولدت في عام ٢٠٠٦ تعثرت كثيراً وهُجرت أيضاً ولكنها شهدت أعوام من الالتزام بالكتابة. تطوّرت وتراجعت ثم عادت للحياة مرات كثيرة كنبتة جفّت ثم انعشها المطر. أكتب عن الكتب والقراءة، عن كل المفاهيم والقيم التي أعيشها أو أرغب العيش بها ومعها. مدونة للأيام الجيدة والسيئة.

موصى بقراءته