يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ

Date
أغسطس, 03, 2016

LeavingBrugge1

بروج – بلكيجا

 

الإنسان عجول وجزوع بطبعه إلا أن يعرف الله معرفة لا تشبه المعرفة التقليدية، و واظب على معرفته والإيمان به وبكل قدرته وصفاته وأسمائه بالشكل الصحيح وتجديد ذلك متى ما خبى وضعف.. تصيبنا مشكلة أو مصيبة، عقبة أو صدمة ، تُخلّف فينا أثر وجروح وصفها مرعب، نرتعب ونجزع وننوح ربما، وكثيييرًا نشتكي ونتذمر و ننسى أن نحمد. نعتقد أن هذه هي النهاية، وأن كل القادم أسوأ ولم يعد لنا في الطيّب نصيب .. في الواقع نحن عندما نفكر هكذا نكون جهلة من الطراز الرفيع. كل الذي يحصل لنا من الممكن أن نراه فرصة أو نهاية. من سيراه نهاية سينتهي فعلًا لأن بطبيعة الحال هذا قرار الشخص فأفكاره أملت عليه أن ينتهي ويدخل في دائرة الاحزان، فمن الطبيعي كنتيجة أن تكون تلك المصيبة نهاية. أما من اختار (ولو بعد صراع وحزن) أن يراها فرصة، أو شيء يستطيع تخطيه، سيخرج من هذه المصيبة بثقل معنوي أكبر، بنضج أعمق، و بروح جديدة، نظرة جديدة وقلب أصح وأقوى ولو كان موجوع ومجروح ومليء بالحسرة..

كيف يرى الواحد منا في المصيبة فرصة؟ الموضوع مرهق ومتعب ويحتاج جهاد، ليس الأمر بهذه السهولة، ليس زر نرصّه فيتغير كل شيء بشكل سحريّ. لكن لأن المؤمن يتعاهد القرآن ويقرأه بعقله وقلبه وبيقين، ويؤمن بمعانيه حرفيًا، تمر عليه الآية ( يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ) فلا تمر عابرة، لاتمر كمجرد آية جميلة بتكوين بديع، لاتمر بسهولة ، تستقر في قلبه ويعرف أن كل شي ذهب منه أو سيذهب منه، مادة أو أشخاص ، ولد أو أم وأب أو شريك فالأحسن قادم كعوض من الله بدون شك، الأفضل مختبئ في الزاوية التي تلي الحمد والرضا لا محالة.. يخرج شخص من حياتك فيأتي من هو أفضل منه، يغيّرك و يوقظك..تضيع فرصة وتفلت، حتى تكون مستعدًّا ومتيقظا لفرصة أكبر وأجمل قادمة. وفوق هذا كله، يغفر لك الله (يغفر لكم) لأنك آمنت بأن القادم أفضل ثم صبرت ورضيت، وهذا بطبيعة الحال هو اعتراف ضمني من العبد أن الله -الرحيم الغفور الجبار- موجود ويدبّر شؤون عباده..

من أجل ذلك كان المؤمن في نظري دائم التحضير والاستعداد لأي شيء من الممكن أن يحدث، ليس تشاؤمًا، لكن من الضروري أن يرسّخ في ذهنه أن الأحوال قد تنقلب، وأن المؤمن مبتلى لا محالة، كيف يتصرف وكيف يفكر وقت الأزمات من أجل أن لا يفقد توازنه كليةً وقت الصدمات والمصائب.. يشحن نفسه بالإيمان الذي سينفعه بشكل لا يمكن له أن يتصوره .. ولن يخيب ذلك الذي طالما آمن بعوض الله.

لقد رأيت أناس تعرضت لمصائب قوية ورأيت أنواع مختلفة من ردات الفعل بين السخط وبين الرضا وما بينهما، لكن الفارق الوحيد ، هو كمية إيمان الشخص وقربه من الله في كل أيامه الماضية بصدق.. إيمان أكبر من مجرد كلام وذكر نردده “على الماشي”. الصدقات، القران ، الدعاء، و العون الذي نقدمه للآخرين أشياء لايمكن إطلاقًا أن تخيّب صاحبها إن كانت بكل صدق ويقين..

إلى كل مصاب ومحزون، إلى كل مصدوم و فاقد، إلى كل المشاكل الصغيرة والكبيرة، إلى كل المفقودات من حياتنا ، إلى كل الذين ذهبوا للقبور قبلنا ، إلى كل الذين خانوا ، إلى كل إنجاز لم يكتمل، أمنية لم تتحقق. إلى كل شي ضاع سواء بشر او قيمة اخرى:

يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ?

أغسطس 10, 2016

نوال القصيّر

7 Comments

  1. رد

    تونا

    أغسطس 4, 2016

    الحمد لله دائماً وأبداً في كل حال ?

  2. رد

    سهاري

    أغسطس 10, 2016

    تدوينة رائعة ?

  3. رد

    بلال

    أغسطس 18, 2016

    كل ما ضاقت علي نفسي ، انقطعت بي السبل أحاول الجأ لبعض تدويناتك ..

    بعضها تلهمني الصبر ، تلهمني الطمأنينة والرضى بقضاء الله وقدره في جميع الأحوال ..

    يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ..

    شكراُ لكِ نوال ..

  4. رد

    فايزه احمد الخالد

    أغسطس 29, 2016

    سلمت يداك ع جميل ماسطرت..
    مقالتك جعلتني اتأمل الآية الكريمة وكأني لأول مره أقرأها بقلبي بعقلي بكليهما!!
    صدقتي فقد آتاني الله أجمل كتير مما أخذ مني فلله الحمد
    بل كان أخذه نعمة كبيرة..والاجمل منها عطاءه..
    اللهم أرزقنا تدبر القرآن.. والعمل به

  5. رد

    سميه

    أغسطس 29, 2016

    تعرفت على تدوينتك قبل أيام , أسأل نفسي و أقول ويني عنها ماعرفها من أول !
    شكرًا لحرفك الرائع و جهدك الجميل .
    استفدت من كل شيء قرأته حتى الآن ,
    كل التوفيق نوال 3>

  6. رد

    أروى

    أغسطس 19, 2018

    رائعة .. مؤثر جداً

  7. رد

    Dr. Saad Al-Harran

    سبتمبر 27, 2018

    كم أنأ سعيد وأنأ أقرأ هذأ ألكلأم ألجميل من ألأخت ألفأضله ألتى تشير ألئ هذه ألسوره ألقرأنيه ألرأئعه “يوتكم خيرأ ممأ أخذ منكم ويغفرلكم” انه كلأم ألله ألذي يبعث عن ألأمل وعلى ألعمل ألجدي ألدووب في سبيله فكل شي مقدر ومكتوب في هذه ألحيأه ألدنيأ ألفأنيه ألأ ألصدقة ألجأريه وألعلم ألذي يجر ألمنفعه للنأس وولد صألح يدعوله. فبأرك ألله فيك وسدد ألله خطأك ألى فعل ألخير حتى ينهض شبأب ألأمه وشبأتهأ ألى مستقبل مشرق وأن غدأ لنأظره قريب.

Leave a comment

Related Posts

لمحة

بكل عاديتي وبساطتي وتعقيدي أكتب وأدوّن حتى أنمو أولاً ومن أجل الأثر ثانياً. مدوّنة نوال القصير عمرها طويل فقد ولدت في عام ٢٠٠٦ تعثرت كثيراً وهُجرت أيضاً ولكنها شهدت أعوام من الالتزام بالكتابة. تطوّرت وتراجعت ثم عادت للحياة مرات كثيرة كنبتة جفّت ثم انعشها المطر. أكتب عن الكتب والقراءة، عن كل المفاهيم والقيم التي أعيشها أو أرغب العيش بها ومعها. مدونة للأيام الجيدة والسيئة.

موصى بقراءته