كيف تتجاوز ما يستفزك؟

Date
أكتوبر, 15, 2016

Tyrion

السلام عليكم أصدقائي المخلصين..

لطالما كان يغيظني طريقة الكثير من الناس في مجتمعاتنا من أي مكان كنا في توجيه النقائص ، في الاستعلاء واستخدام نقاط ضعف شخص ما في ما يزيده ضعف ورميها في وجهه بكل وقاحة و قساوة.. في أحد المشاهد الملهمة في أحد المسلسلات كان هناك شخصية في المسلسل دوره “لقيط”. مجتمعه يستخدم بشكل مستمر كلمة “لقيط” أو bastard بالانجليزية لمناداته. التصقت هذه الصفة به بغية إهانته. كانت هذه الشخصية  تشعر بالإهانة جراء استخدام أمر لا دخل له به بغرض إهانته واستصغاره والتنمر عليه.. كان الموضوع يستفزه كثيرًا إلى الحد الذي يمنعه من  الثقة بنفسه. ولأن مجتمعه وضيع فعندما يرونه يُستفز ويتحطم من هذه الصفة التي ألصقوها به، يزيدون من ازدراءه أكثر ويستمرون بمناداته باللقيط أمام الجميع أو حتى بدون وجود أحد.. كانتقاص ومذمة واحتقار.. كان يشعر بالقهر وقلبه ممتلئ غضب، حتى قابل شخصية في المسلسل ، وضعه يشبهه قليلًا إلا أنه أكثر حكمة وأكثر اطلاعًا وقراءة، وأذكى اجتماعيًا.. عندما شاهد الكلمة تلك تحطمه وتستفزه قال له:

Let me tell you something, Bastard. Never forget what you are, the rest of the world will not. Wear it like armor and it can never be used to hurt you.

يستحيل أن أنسى هذا الحوار لأني تعلمت منه الكثير، رسخ في وعيي ولا وعيي حفظته وباستطاعتي سرده عليك وكأني أقرأه.. لأنه  صحيح وألحظه على نفسي قبل أي أحد.. الترجمة تقريبًا: دعني اخبرك شيئا ما ، يالقيط،.لا تنسى أبدا من أنت لأن بقية العالم لن ينسون، البس هذه الحقيقة كدرع وبهكذا لا أحد يمكن له أن يستخدم حقيقتك من أجل أن يتعمد مضايقتك أو يجرحك أو ينتقص منك..

أصدقائي أبدالا تدعون  أحد ما يستخدم أمر عادي في حياتكم بطريقة يستفزكم بها.. اذا كان هو من يرى هذا الشيء/الأمر منقصة فهذه مشكلته الخاصة، والتي تحكي الكثير عن أخلاقه وخلفيته  . وعندما يلحظ أن الموضوع لا يستفزك كما كان يتصور من خلال مخه الضيق، سيتراجع وسيدرك لاحقًا أنه لا يحارب إلا نفسه.. أصدقائي: لا تهتمو لأحد ولا لرأيه طالما أنكم تسعون لرضا الله ثم أهدافكم.. أرجو أن لا يضايقك أبدًا قول أحدهم: “كبرتي ولسا ما تزوجتي” ، “أنت خضيري، أنت بدوي، أنت حضري الخ” ، دعوا هذا الشيء درع لكم ولا تستجيبون لمن يقولها بطريقة استنقاص.. لا تتضايقون عندما  يستخدم أحدهم حقيقة عادية في حياتكم لمجرد استفزازك:  وزنك، جنسيتك، أصلك، وضعك المادي أو الاجتماعي الخ.. دعوهم يحاربون وحيدون.. وفي النهاية سيصابون بالملل، أو بالأحرى “بيتفشلون”، سيشعرون بالخجل والعيب حتى لو لم يُعلنو ذلك. تعلمت أنه لا يمكن لأحد أن يستفزني بحقيقة عشتها في حياتي، أني كنت كذا وكذا، ولا يمكن أن أتعاطى مع هذا المستوى الغير لائق.. على العكس تماما في أغلب المرات أجيب بالإيجاب لأنه فعلا لا يستفزني! من الممكن أنه استفزم أنت وتشعر بالغيرة أو القهر لدرجة أنك تردد حقيقة أو أمر يخصني ولكني في حالة تصالح معه.. أصدقائي وصديقاتي، من أجل نفسكم لا يستفزنكم ما قرر المجتمع أنه مُستنكر أو معيوب. سيقل منسوب الغضب، ستتصالحون مع أغلب الاشياء بطريقة فاتنة ومغرية للآخر أن يتغير مثلكم.. بينما لو أعطيتم ما يستفزكم أكبر من حجمه وتعاملتم معه كأنه عار سيتحجم في حياتكم بقدر ما تعطونه من اهتمام سلبي، ستسعرّون من أمور بسيطة و عادية جدًّا. البسو حقيقتكم كمدرعات وامضو .

نوال القصيّر

7 Comments

  1. رد

    نِهال عبدالرحمن

    أكتوبر 16, 2016

    “البسو حقيقتكم كمدرعات وامضو ”
    عملية شجاعة و صعبة لكن تستحق التعب .
    تذكرت دكتورة كاي ربما تعرفينها هي رمز للشجاعة و وضع حقيقتها كدرع حقيقي -وهي إصابتها بالإكتئاب- و التصالح معه و التحدث عنه بأريحية .
    https://www.goodreads.com/book/show/361459.An_Unquiet_Mind

  2. رد

    نِهال عبدالرحمن

    أكتوبر 16, 2016

    .

  3. رد

    نِهال عبدالرحمن

    أكتوبر 16, 2016

    “البسو حقيقتكم كمدرعات وامضو “
    عملية شجاعة و صعبة و لكن تستحق التعب
    تذكرت دكتورة كاي لما تكلمت بشجاعة عن الإكتئاب و نوبات الهوس التي تمر بها في كتاب عقل غير هادي ، فعلا أستخدمت حقيقتها كدرع لها ، لا أحد يجرء أن يستهزء أو يستنقص بها لأنها بنفسها متصالحه مع هذا المرض . إن كنت لم تقرأيه بعد فأنصحك بقراءته
    https://www.goodreads.com/book/show/8201458-an-unquiet-mind
    كتابات لا تنقطع ليقرأها أحفادك و ما بعدهم يارب 🙂

  4. رد

    Faisal

    أكتوبر 16, 2016

    الموضوع ليس بسيط
    في العادة عندما احد يرمي كلمه عليك انت تقوم بالبحث عن رد “او عيارة له” كرد على عيارته

    فعلياً لم ارى في حياتي شخص مثل المثالي المتواجد بين نصوص التدوينة

  5. رد

    فاطمة

    أكتوبر 23, 2016

    و أنا أقراء الموضوع جاء في بالي أقتباس من قديم قريته وهو “لا تخجل من من شيء ما دمت لم تقترفه”

  6. رد

    أفنان

    نوفمبر 24, 2016

    هذا اقتباس اليوم اللي تعلمت منه :انه لو غيرنا من طريقة تفكيرنا تجاه ما يؤذينا يصير الموضوع بسيط وغير مؤثر.
    يعطيك العافية

  7. رد

    alanood

    أبريل 17, 2017

    مساء الخير
    اضع تعليق ليس به الكثير لكن انا ممتنه لك جدا جدا , ماتدرين كم انتي ملهمه محفزه لي يومين بالمدونه يالله رائعه وجميله , شكرا لك و الله يسعدك اضعاف
    ولا يحرمنى من تدوينك .. كل الحب

Leave a comment

Related Posts

لمحة

بكل عاديتي وبساطتي وتعقيدي أكتب وأدوّن حتى أنمو أولاً ومن أجل الأثر ثانياً. مدوّنة نوال القصير عمرها طويل فقد ولدت في عام ٢٠٠٦ تعثرت كثيراً وهُجرت أيضاً ولكنها شهدت أعوام من الالتزام بالكتابة. تطوّرت وتراجعت ثم عادت للحياة مرات كثيرة كنبتة جفّت ثم انعشها المطر. أكتب عن الكتب والقراءة، عن كل المفاهيم والقيم التي أعيشها أو أرغب العيش بها ومعها. مدونة للأيام الجيدة والسيئة.

موصى بقراءته